لا تقتصر المشاركة في الصالون الدولي للكتاب في الجزائر، على دور نشر الكتاب الجزائرية العربية أو الغربية، وإنما صار الصالون يستقطب اهتمام الكثير من المؤسسات من الوزارات ومراكز البحث المتخصّصة في مختلف العلوم، وكذا مراكز التنمية البشرية وغيرها. وذلك من أجل التعريف بنفسها والتقرُّب من الجمهور، والاحتكاك بالمشتغلين في قطاع النشر لتبادل الخبرات والتجارب، إضافة إلى عرض خدماتها على الجمهور.

ومن أهمّ هذه الهيئات والمؤسسات نجد وزارة الشؤون الدينية ووزارة المجاهدين اللّتين تشغلان كلّ عام أجنحة خاصة بها، كما تقوم بعض المراكز التابعة للوزارتين بعرض منشوراتها، ولعل أهمّ تلك المراكز نجد المركز الوطني للبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر المتخصص في البحث في تاريخ الحركة الوطنية وفي كلّ ما له علاقة بتاريخ الجزائر وثورتها. ويعرض المركز سنويا منشوراته القيّمة على الجمهور المهتمّ بتاريخنا الوطني. كما نجد في القائمة المجلس الأعلى للُّغة العربية، وهو المهتم بتطوير اللغة العربية والبحث في مختلف شؤونها، والمجلس الإسلامي الأعلى الذي يهتمّ بالشأن الإسلامي في الجزائر. ولهتين الهيئتين العشرات من المنشورات القيّمة التي صدرت منذ تأسيسهما، وقد صار حضورهما كلّ سنة، علامة مميّزة في الصالون الدولي للكتاب.

ومن الهيئات الأخرى التي صارت تسارع إلى فرصة المشاركة في الصالون الدولي للكتاب عدد من سفارات الدول الأجنبية في الجزائر، وقد شاركت العام الماضي سفارات كل الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا، المكسيك وغيرها. وقد قامت بعرض بعض من الكتب الصادرة في بلدانها، كما قدّمت منشورات تعريفية بها للجمهور الجزائري. ويُلاحظ الجمهور الجزائري الذي صارت تربطه علاقة روحية بالصالون، الحضور اللافت لمراكز التنمية البشرية وغيرها من المؤسسات التي تهتم بشؤون متنوعة، ومن بينها مركز البصيرة للبحوث والدراسات، مركز الراشد للتنمية البشرية، مؤسسة مهارات النجاح وغيرها.

وتقوم هذه المراكز عادة بتعريف جمهور هذه التظاهرة الثقافية بالتعريف وعرض الكثير من خدماتها، ناهيك عن المنشورات التي تُصدرها. وهي خطوة هامة تقرُّبها من الجمهور، لا يُوفّرها إلا الصالون الدولي للكتاب الذي يعرف إقبالا كبيرا بالنظر إلى الأرقام المسجّلة كلّ عام في نسب جماهيرية هذه التظاهرة الدولية الهامة. وتأتي المشاركة في الدورة 17 من هذا الصالون الدولي بالنسبة لهذه المراكز على سُلّم الأولويات، خاصة وأنّ هذه السنة تتميّز بمشاركة قياسية لدور النشر الجزائرية والعربية والغربية، حيث بلغ عدد الدول المشاركة سقف 41 دولة، والعدد الإجمالي للناشرين وصل إلى 630 ناشر ينتمون إلى دول عربية وأجنبية، بالإضافة إلى الجزائر البلد المنظم، التي فاق عدد الدور المشاركة منها 250 دار نشر.

بقي فقط أن نشير إلى أنّ الإقبال الجماهيري الذي أصبح يتميّز به الصالون الدولي للكتاب جعله يحتلّ مكانة هامة بين المعارض الدولية في العالم، ولا أدلّ على ذلك من الطلبات القياسية التي تقدّمت بها دور النشر الوطنية والأجنبية من أجل المشاركة في فعالياته. ولولا المساحة المحدودة المخصّصة لاحتضان هذا الصالون والمقدرة بـ14 ألف متر مربع، لكان عدد دور النشر المشاركة في صالون الجزائر الدولي للكتاب أكثر بكثير، وهذا ما أكده المحافظ العام لهذه التظاهرة الثقافية الهامة في وقت سابق.